الأحد، 6 ديسمبر 2015

سورة التوحيد ((الصلاة))


سورة التوحيد
((الصلاة))
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ *لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾
بعد إتمام هذه المناجاة المربّية الفائضة بالمضامين، على المصلّي أن يقرأ سورة كاملة من القرآن.

هذه التلاوة جزء من القرآن يختارها المصلّي بحريّته وإرادته، يفتح بوجهه فصلاً آخر من المعارف الإلهيّة الإسلاميّة.

فريضة تلاوة القرآن في الصلاة كما قال الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في حديث الفضل بن شاذان: "إنّما أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلّا يكون القرآن مهجوراً مضيّعاً وليكون محفوظاً مدروساً، فلا يضمحلّ ولا يُهْجَر ولا يُجْهَل"1.

نكتفي هنا بالإشارة إلى سورة التوحيد التي تتلى عادة في الصلوات.

﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *قُلْ﴾
أيها الرسول، قل واعلم وبلّغ الآخرين بهذه الحقيقة، أنّ:

﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾
فليس له شريكٌ ولا مثيلٌ ولا نِدٌّ من الآلهة التي تعرّفها (تقدّمها)عقائد الأديان المنحرفة.

ليست ساحة الخليقة مسرحاً لتنازع الآلهة وصراعهم، بل إنّ جميع سنن العالم وقوانينه صادرة عن إرادة واحدة وقدرة واحدة. ولهذا السبب، يسودُ عالمَ الخليقةِ النظامُ والانسجامُ والتناسق، فجميع القوانين والتحوّلات والتحرّكات الطبيعيّة في العالم تتحرّك باتجاه واحد في الحركة والعمل. الإنسان وحده الذي متّعه الله بالإرادة والاختيار والقدرة على اتخاذ القرار، ويمكنه أن يتمرّد على هذا النظام ويعزف لحناً شاذاً كما يمكنه أيضا أن يصنع لنفسه حياةً تنسجم مع هذه القوانين.

﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾
الله غير محتاج (إلى أيّ شخص وأيّ شيء) من جميع الجهات. فالله سبحانه الذي أتواضع أمامه وأعظّمه وأحمده ليس كباقي الأرباب المفترضة، المحتاجة إلى الرعاية والمساعدة في وجودها واستمرارها في الحياة، وفي قدرتها وحياتها. فمثل هكذا إلهٍ (محتاج) لا يستحقّ التكريم ولا التعظيم، لأنّه موجود كالإنسان أو أدنى منه. فالإنسان، ذلك الموجود العظيم، لا يجعل تعظيمه وثناءه وعبوديّته إلّا لتلك القدرة التي لا تكون محتاجة أدنى احتياج إلى أي وجود وأيّ عنصر. أي أن وجودها وقدرتها وخلودها نابعة من ذاتها.

﴿لَمْ يَلِدْ﴾
ليس هو ما تطرحه أوهامُ الأديان المنحرفة وعقائدُ الشّرك وأساطيرهم. ليس إله المشركين المتوهّم حيث تصوّروا له ولداً أو أولاداً، إنه خالق وموجد كلّ شيء وكلّ شخص، لا أنّه أبوهم، وجميع سكان السموات والأرض هم عباده لا أولاده.

إنّ نسبة "الربوبيّة والعبوديّة" بين الله والإنسان هي التي تمنع عباد الله الواقعيّين من عبادة أي شيء أو أي أحد غير الله، فليس بالإمكان عبادة ربّين.

أولئك الذين تصوّروا الله أباً عطوفاً للمخلوقات، وظنّوا أنّ البشر أبناؤه، ولم يدركوا معنى نسبة "الربوبيّة والعبوديّة" التي تليق بالإنسان ومقامه وكرامته، قد فتحوا- في الحقيقة - طريقاً لعبادة غير الله، وأصبحوا عمليّاً عبيداً للكثير من أرباب الدنيا عديمي المروّة، وصاروا آلة بيد النخّاسين والمسترقّين.

﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾
فهو ليس بظاهرة (حادثة)، حتّى يوماً لا يكون ويوماً آخر يأتي إلى ساحة الوجود. وهو ليس وليد أحدٍ أو فكرةٍ أو ظنٍّ وتخيّل. وليس وليد نظامٍ أو طبقةٍ أو شكلٍ من أشكال حياة البشر. إنّه أعزّ الحقائق وأرفعها شأناً، إنّه حقيقة أزليّة، كان دائماً وسيبقى أبداً.

﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾
ليس بالإمكان تشبيهه بأحد ولا يمكن لأحدٍ أن يماثله أو يشاكله، ومن غير الممكن تقسيم مناطق نفوذه ومناطق حكمه، وهي عالم الكون بتمامه، بينه وبين شخص آخر، ولا يمكن أن يكون جزءٌ من حياة الإنسان له والجزء الآخر لغيره، من الأرباب الأحياء وغير الأحياء، ومن مدّعي القدرة والألوهيّة.

هذه السورة، كما يظهر من تسميته، هي بحقّ سورة التوحيد. إنّ رؤية التوحيد المحكيّة في كلّ القرآن وفي مئات الآيات، بسياقات وعبارات مختلفة، جاءت في هذه السورة بنحو صياغة مكثّفة وبعبارات ناظرة إلى المعتقدات الخرافيّة الملوّثة بالشرك التي شاعت في ذلك الزمان، وقد بُيّنت بشكل حاسمٍ وصريحٍ، نافيةً ومبطلةً لأي مُدّعٍ للألوهيّة يمكن أن يُطرح.

تعرّف هذه السورة المسلمينَ وجميعَ العالمين، من جهة، بالإله الذي يستحقّ العبادة والتمجيد بنظر الإسلام: إنّ الإله الذي لا يكون هو الأوحد، بل له مئات وآلاف المشاكلين، ليس جديراً بالربوبيّة والألوهيّة. وإنّ المقتدر أو القدرة المحتاجة في وجودها واستمرارها إلى مساعدة موجودٍ آخر، لا يمكن ولا ينبغي أن تُفرض على البشر. إنّ الذي يعظّم الأرباب المزيفة المحتاجة والمحدثة والمعرّضة للزوال وينحني أمامه، إنّما يدوس كرامته الإنسانيّة،

ويجرّ نفسه والإنسانيّة القهقرى. هذه هي الجنبة المثبِتة في سورة التوحيد التي تستعرض مميّزات المعبود وربّ الإنسان، وتُثْبِت زيف الأرباب على طول التاريخ.

ومن جهة أخرى، تحذّر عباد الله من تلويث أنفسهم بالأبحاث العقليّة المثيرة للشبهات والوساوس بشأن ذات الله وصفاته، وأن يذكروا الله ويدعوه بكلام بسيط (ومختصر)، يُخرج أصحاب التُّرَّهات والهاذرين ويطردهم من مقام قدس الربوبيّة. فبدل أن يستغرق
الإنسان في التفلسف والذهنيّات، عليه أن يفكّر في الالتزامات النابعة من عقيدة التوحيد.

وكما جاء في حديث الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام: "إنّ الله عزّ وجلّ، علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ والآيات من سورة الحديد إلى قوله﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾، فمن رام وراء ذلك فقد هلك"2 كأنّ سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تقول للمصلّي: إنّ الله قدرة فريدة، رفيعة سامية ومتعالية، وهو مستغنٍ ذاتاً وغير محتاج ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ وليس له مشابه ولا مشاكل.. ليس سوى هذا وكفى، والعلم والرؤية (أنّه بصير)، والحكمة وباقي صفات الله تعالى التي يلزم على المسلم أن يدركها ويفهمها، والتي تكون مؤثّرة في شكل ونمط حياته وارتقاء روحه، ذكرت أيضاً في آيات أخرى من القرآن، فلا تتعمّق أكثر من هذا في ذات الله وكيفيّة صفاته، وستحصل على معرفة أكثر خلال العمل. لا تكن في صدد الحصول على معرفة أكثر من خلال البحث والتنقيب الذهنيّ العميق، بل حاول تحصيل المعرفة عن طريق التحلّي بالصفاء وروحانيّة الباطن والروح، ومن خلال العمل بلوازم التوحيد.. وهكذا كان الأنبياء والصدّيقون، عباد الله المخلصين، والموحّدين والصادقين والعارفين.
* كتاب من أعماق الصلاة، جمعية المعراج لإقامة الصلاة.

1- الوسائل، ج 4، ص 733.
2- نور الثقلين: ج5، نقلاً عن أصول الكافي.

سورة الفاتحة ((الصلاة))

سورة الفاتحة

((الصلاة))
﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾
﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
هذه الجملة، (البسملة)، هي مقدّمة جميع السور، مقدّمة الصلاة، مقدّمة جميع أعمال الإنسان المسلم وحركاته، أي إنّ بداية جميع الأعمال تتمّ باسم الله فقط.

كلّ ما للإنسان، وجميع مظاهر عيشه وحياته هي باسم الله. يفتتح المسلمون أيّامهم باسم الله، وباسمه يختتمون أعمالهم في النهار، وبذكره يأوون إلى فراشهم، وبعونه يرفعون رؤوسهم منه ليباشروا أعمالهم اليوميّة من جديد. وفي نهاية المطاف يودّع المسلم الحياة باسمه وذكره ويمضي إلى الدار الخالدة.

﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
كلّ حمد وثناء يختصّ بالله، لأنّ كلّ عظمة وجلال منه، وكلّ رحمة تصدر عن جانبه، وهو مَجمَع كلّ الخصال الحميدة، ومن فيضِ وجوده تصدُرُ كلّ الخيرات والحسنات وكلُّ جميل وإحسان، فيكون حمده، إذ، حمداً للإحسان والمعروف، وموجّهاً لجمع الجهود التي تبذل في طريق الإحسان.

وكلّ من يرى في نفسه شيئاً من الخصال المحمودة والسِّيَرِ الحسنة، ينبغي أن يعدّها من فيض الله ورحمته وعطفه ولطفه، إذ إنّ الله هو الذي زرع في الإنسان بذور الإحسان، وأعدّ فطرته وطينته وجعل من سجاياه تقبّل الإحسان والفضيلة، ومنحه قوّة الإرادة
والعزم، التي هي وسيلة أخرى في طريق الخير والإحسان.

هذه الرؤية تغلق بوجه الإنسان أبواب العجب والغرور، وتحول دون تعطيل أو إفساد الخصال الحميدة، والقدرات الخيّرة فيه.

وفي جملة ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، يستشعر (المصلّي) وجود العالم والعوالم الأخرى ، ويستشعر أيضا قربها واتّصالها بعضها ببعض، فيدرك المصلّي أنّ هناك عوالمَ وأفلاكاً ومجرّاتٍ أخرى، خلف هذا العالم ووراء رؤيته الضيّقة، وخلف هذا السّور الذي افترضه لحياته، وأنّ ربّه ربّ جميع هذه الكائنات العظيمة. إن هذا الشعور يميت فيه النّظرة الضّيقة، والدناءة والخِسّة، ويمنحه الجرأة وروح البحث والسعي، والإحساس بالغبطة لعبوديّته لله تعالى، وتتجلّى له في عبادة الله عظمة وجلال عجيبان.

من جهة أخرى، يرى أنّ جميع الكائنات، البشر والحيوانات والنباتات والجمادات والسماوات، وعوالم الوجود التي لا تحصى، كلّها مملوكةٌ لله ومربوبةٌ له، وأنه هو مديرها ومدبّرها وخالقها جميعاً. ويفهم أنّ ربّه ليس ربّاً لعِرقِه أو شعبه أو ربّ الناس وحسب، بل هو أيضاً ربّ تلك النملة الضئيلة وتلك النبتة الضعيفة، ربّ السماوات والمجرّات والكواكب، وبإدراكه لهذه الحقيقة يشعر بأنّه ليس وحيداً، ويدرك أنّه قريبٌ من جميع ذرّات العوالم، وجميع الكائنات الدقيقة والكبيرة، وأنّه مُتّصلٌ بجميع الناس، وأنّ جميع الناس إخوته ومسافرون معه، وأنّ هذه القافلة العظيمة تسير معاً نحو هدف واحد وفي اتجاهٍ واحد.

وهذا الارتباط والاتصال يجعله مكلّفاً وملتزماً بالنسبة إلى جميع الكائنات. مكلّفاً بإرشاد الناس ومساعدتهم، ومكلّفاً بمعرفة بقيّة الموجودات واستخدامها في الطريق الصحيح المتناسب مع الهدف من خلقها.

﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
رحمة الله العامّة - الّتي تتجلّى بشكل قوى خلّاقة وسنن وقوانين مُنقِذة و طاقة مستدامة- تسع جميع الموجودات، وكلّ شيء وكلّ شخص يحظى بهذه الرحمة إلى حين موته وزواله (الرحمان).

وأمّا من جهة رحمته الخاصّة، رحمة هدايته ومعونته، رحمة جزائه وعطفه، فإنّها تشمل عباده الصالحين. وهذه الرحمة تستمرّ معهم في هذه النشأة وتبقى كخطٍّ واضح على امتداد وجود هذه الموجودات الصالحة والشريفة حتّى الموت، وما بعد الموت، إلى القيامة، وإلى المنزل النهائيّ لوجود الإنسان. فالله تعالى هو المنعم بالرحمة العامّة والمؤقّتة، والمنّان بالرحمة الخاصّة والدائمة.

إنّ ذكر صفة رحمة الله في ديباجة القرآن (فاتحة الكتاب) وفي بداية الصلاة وبداية كلّ سورة لهي إشارة إلى أنّ محبّة الله ورأفته أظهر صفة في ساحة الخليقة والوجود، وعلى عكس قهره ونقمته التي تختصّ بالمعاندين والمفسدين والمجرمين، فتكون رحمته شاملة واسعة وعامّة1.

﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
يوم الجزاء هو يوم النهاية والمصير والعاقبة، والجميع يسعى من أجل العاقبة. فالمادّي الملحد والعابد لله مشتركان في هذا الأمر، وكلاهما يبحث عن سبيل العاقبة والمصير، والاختلاف بينهما أنّ كلّاً منهما يفهم المصير بشكل مختلف، فعاقبة الماديّ هي ساعة
أخرى ويوم آخر وسنة أو عدّة سنوات أخرى، شيخوخة وعناء وفناء، أمّا العابد، فنظرته واسعة ورؤيته أبعد من ذلك، وليست الدنيا في نظره مغلقة ولا محدودة ولا محصورة، بل الدنيا واسعة والمستقبل غير محدود، وهذا مستلزم لأمل لا حدّ له، وجهد لا يعرف الكلل.

فالذي لا يرى الموت موجباً لانقطاع الرجاء، ولا يفقد بالموت حصيلة عمله وانتظار الأجر والثواب، يمكنه الاستمرار حتّى آخر لحظة من حياته بالحماس والتحرّك ذاته الذي ابتدأ به السعي الجميل والعمل المرضي لله.

إنّ التنبّه والاستذكار بأنّ الله هو المالك، وصاحب القرار والجزاء في يوم القيامة، هو الذي يوجِّه المصلّي الوجهة الصحيحة، ويضفي على أعماله وجهوده سمة إلهيّة، فتصبح حياته بجميع مظاهرها لأجل الله وفي سبيله، ويبذل جميع جهوده وكلّ شيء عنده في طريق تكامل البشريّة وتساميها، الذي هو الطريق الوحيد لمرضاة الله تعالى. ومن جهة أخرى: يحرّره من الاعتماد على الظنون الواهية والآمال الكاذبة، ويقوّي فيه الرجاء الصادق في العمل. فإذا كانت المناهج المنحرفة والنظم الخاطئة في هذه الدنيا، تسمح للعناصر الضعيفة الانتهازيّة أن تحسّن أوضاعها عن طريق الخداع والرياء والكذب، وأن تغتصب ثمار كدّ الآخرين وكدحهم، إلّا أنّه في ذلك العالم (الآخرة) وتلك النشأة حيث إنّ الله العالم العادل مالك زمام الأمور جميعها، وحيث لا يمكن الخداع والكذب والرياء، فسوف لن يعطي أحداً فرصةَ الانتفاعِ من الأجر بدون عمل.

إلى هنا ينتهي الحديث عن النصف الأوّل من سورة الحمد المتضمّن لحمد خالق العوالم والعالمين، وذكر بعض أهمّ صفاته.أمّا النصف الثاني المشتمل على إظهار العبوديّة وطلب الهداية، فإنّه يشير بوضوح إلى مجموعة من أهمّ الخطوط الأساسيّة لأيديولوجيّة
الإسلام.

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
أي أنّ كلّ وجودنا وكلّ قدراتنا الجسديّة والروحيّة والفكريّة بتمامها هي بيد الله وهي خاضعة له ولأجله.

والمصلّي بتلفّظه بهذه الجملة يحرّر يديه ورجليه ورقبته من أغلال عبوديّة ما سوى الله، ويرفض مدّعي الألوهيّة والربوبيّة الذين كانوا على مرّ التاريخ السبب في تقسيمِ المجتمعات البشريّة إلى طبقات متفاوتة، وجعل أكثريّة البشر مقيّدين بأغلال العبوديّة والاستضعاف ويخرج نفسه وجميع المؤمنين بالله من حدّ الطّاعة والانقياد لأيّ شخص سوى الله وأيّ نظام غير النظام الإلهيّ. والخلاصة، أنّه بإقراره بعبوديّة الله يتحرّر من عبوديّة العبيد، وبهذه الطريق يجعل نفسه في سلك الموحّدين الحقيقيّين.

إنّ الإذعان والقبول بأنّ العبوديّة ينبغي أن تكون حصراً أمام الله ولأجله هو أحد أهمّ الأصول الفكريّة والعمليّة في الإسلام وفي جميع الأديان السماويّة، والذي يعبّر عنه بـ "انحصار الألوهيّة بالله" أي أنّ الله فقط هو الذي ينبغي أن يكون إلهاً (معبوداً)، وأن لا يكون هناك عبوديّة لغيره ولا يُعبد سواه.

وقد كان هناك، على الدوام، أناسٌ لا يحسنون فهم هذه الحقيقة، فكانوا يستنتجون منها أموراً خاطئة وضيّقة، لذلك ابتلوا على حين غفلة بعبوديّة غير الله. فقد ظنّوا أنّ عبادة الله هي بتقديسه ومناجاته وحسب، ولأنّهم كانوا يصلّون لله ويناجونه فقط، كانوا على اطمئنان بأنّهم لم يعبدوا سوى الله.

إنّ الإطّلاع على المعاني الواسعة للعبوديّة في عبارات القرآن والحديث يُظهِر وَهْنَ هذا التصوّر. فالعبادة، في اصطلاح القرآن والحديث، هي الطاعة والتسليم والانقياد المطلق للأمر، والقانون والنظام الذي يُعرض على الإنسان ويُفرض عليه من أي سلطة أو قوّة، سواء أكان هذا الانقياد وهذه الطاعة مع روح التقديس والمناجاة أم من دونهما.

وعليه، فكلّ الذين ينصاعون- طوعاً ورضا - للنظم والقوانين والأوامر الصادرة عن أيّة قدرة غير الله تعالى، هم عبيد تلك الأنظمة وعبيد الواضعين لها. ولو أنّهم، وهم على تلك الحال، خضعوا في جانب من حياتهم للأوامر الإلهيّة، وعملوا في جزء وحيّز من
حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة بحكم الله وقانونه هم "مشركون" (يتّخذون مع الله إلهاً آخر). وأمّا إذا لم يجعلوا هذا الجانب وذلك النطاق من حياتهم لله تعالى فهم "كافرون" (الذين يتجاهلون الحقيقة الواضحة والساطعة لوجود الله، وينكرونها اعتقاداً أو عملاً).

يمكن بسهولة، من خلال الإطّلاع على هذه المعرفة الإسلاميّة، استنتاج مرام الأديان الإلهية التي جعلت كلمة "لا إله إلاّ الله" أولَ شعارٍ لدعوتها2 ماذا كانت تقول، وماذا كانت تريد، ومن كانت تواجه ولأيّ طرف انحازت؟

وهذه الحقيقة (حقيقة معنى العبادة) في المصادر الإسلاميّة (القرآن والحديث) هي على مستوى من التواتر والوضوح، بحيث لا يبقى معه أي شكّ لدى المتدبّرين وأصحاب العقول. وكنموذج على ذلك، نكتفي بذكر آية من القرآن الكريم، وحديث عن الإمام الصادق عليه السلام.

قال تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾3.

وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى﴾4. قال عليه السلام: "أنتم هم ومن أطاع جبّاراً فقد عبده"5.

﴿وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
لا ننتظر من أندادك ومن مدّعي الألوهيّة أيّة مساعدة أو أيّة معونة، فبالسبب ذاته والحجّة نفسها التي دَفَعَتهم إلى عدم القبول بألوهيّة الله، لن يساعدوا عباده السّاعين في سبيله. إنّ طريق الله هو طريق أنبيائه، طريق السعي في جانب الحقّ والعدل والتآخي والتضامن والتكافل بين جميع أفراد البشر، وإعطاء الإنسان قيمته، ورفض التعصّب والظلم وعدم المساواة (التمييز). وأمّا أنداد الله ومدّعو الربوبيّة الذين جعلوا أساس حياتهم الذّليلة وإمكاناتهم التي سطوا عليها من أجل تدمير القيم الأصيلة، أنّى لهم مدّ يد العون والمساعدة لعباد الله؟ إنّ هؤلاء في حرب لا سلم فيه، وطغيان لا حدّ له في مواجهة عباد الله.

فإذاً، نطلب العون والمدد من الله فقط: قوّة الذكاء والإرادة التي أودعها فين، الأسباب والوسائل التي منحنا إيّاها من أجل الحياة والعيش، السُّنن والقوانين الطبيعيّة والتاريخيّة، وهي التي لو عُرفت وكُشفت لأمكن أن تشقّ الطريق للعلم والعمل، وكلّ آثار قدرته التي هي جنوده المقتدرة الموضوعة في خدمة البشر.

﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾
إذا كان الإنسان محتاجاً إلى شيء أولى وأكثرَ حياةً من الهداية، فلا شكّ أنّ هذه الحاجة كانت ستُذْكَر، بلسان الدعاء والطلب من الله، في سورة الحمد التي هي فاتحة القرآن والقِسْم المهمّ في الصلاة.

يُصبِح العقل والتجربة في المسار الصحيح والمفيد والمنجي عن طريق الهداية الإلهيّة، ودون ذلك، يغدو هذا العقل وهذه التجربة مصباحاً في يد قاطعِ طريقٍ أو سكّيناً في يد مجنون.
الصراط المستقيم، هو ذلك المنهج الفطريّ الذي وُضع على أساس التقدير الصحيح لاحتياجات الإنسان الطبيعيّة وإمكاناته وقدراته. هو الطريق الذي فتحه أنبياء الله للناس، وكانوا هم أوائل الساعين إليه والسالكين فيه، الطريق الذي إن ثَبُت الناس عليه يكون مَثَلُهم كالماء الذي يجري مستقيماً في مجراه، ومتواصلاً بدون استعانة بأيّ قوّة أو سلطة نحو هدفه النهائيّ،ألا وهو بحر التسامي الإنسانيّ اللامتناهيّ. وهو برنامج، لو طبّق في قالب نظام اجتماعيّ في حياة البشر وتحقّق، لجلب لهم، بالتأكيد، الرفاهية والاستقرار والحرية والتعاضد والتكافل والإخاء، ولوَضَع َحدّاً لجميع مآسي البشريّة المزمنة.

ولكن، ما هو هذا البرنامج وهذا الطريق؟ الكلُّ مدّعٍ في هذا السّوق المضطرب، وكلّ جماعة ترى غيرها على خطأ. ينبغي أن يُحدَّد هذا الصراط المستقيم، في نظر القرآن الكريم، بالإلتفات إلى هذه المقدّمة القصيرة.

﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾
من هم أولئك الذين شملتهم نعمة الله وأُعْطُوها؟ لا شكّ بأنّه ليس المراد من النعمة المال والجاه والعِشْرة الماديّة (الدنيويّة)، فأبرز (أكثر) الحاصلين عليها كانوا دائماً من ألدّ أعداء الله وأعداء خلقه، بل المراد بها نعمة أكبر من هذه الزخارف، إنها نعمة تفوق هذه الألاعيب والمزيّفات، فهي نعمة اللطف والعناية وهداية الله. نعمة معرفة القيمة الحقيقيّة (الواقعيّة) للنفس والظفر بها والرجوع إليها.

وفي موضع آخر عرّف القرآن الكريم الذين أوتوا هذه النعمة: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ﴾6.

في هذه الجملة، يطلب المصلّي من الله أن يهديه إلى صراط الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين، وهذا خطّ واضح على طول التاريخ. وهو طريق ظاهرٌ بيِّنٌ، ذو هدفٍ مشخّصٍ، وسالكون معروفون.

وهناك في مقابله خطّ آخر، وهو واضح أيضاً، وله أتباعٌ مشخّصون، وبذكر ذلك الطريق وسالكيه (صراط الذين أنعمت عليهم) يؤدِّب المصلّي نفسه ويحذّرها أن تطأ الطريق (المقابل) أو أن تنجرف نحوه، وهذا ما يظهر في تتمّة الدعاء السابق.

﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ﴾
من هم الذين غضب الله عليهم؟ 
أولئك الذين سلكوا طريقاً آخر مقابلَ طريق الله، وجرّوا الكثير من الناس الآخرين، سواءٌ الغافلون منهم وفاقدو الإرادة والضعفاء، أم الواعون والمختارون، حيث قيّدوهم وحملوهم على السير معهم في هذا الطريق، والذين أمسكوا بزمام أمور الناس على طول التاريخ عن طريق القهر والجبروت أو الخداع والنفاق، وصنعوا منهم كائنات مجبرة وآلات تابعة (مستضعفة)، والذين أعدّوا وفسحوا المجال للرذيلة والعلاقات المنحطّة عن طريق استغفال الناس والتسلّط عليهم.

بعبارة أخرى، أولئك الذين صاروا مورداً لغضب الله عندما سلكوا طريق الضلال، لا عن جهل وغفلة فحسب، بل عناداً، وبسبب الأنانيّة وحُبّ الذات. في واقع التاريخ، كانت هذه المجموعة تتشكّل من الطبقات العليا والمقتدرة ومن أصحاب النفوذ الدنيويّ، ودائماً ما كانت مقاصد الدين ترسم خطّ الإبطال والنسخ على فلسفة وجود هؤلاء، وكانت أوّل خطوة هجوميّة تخطوها أيضاً في وجه هؤلاء. وما عدا هاتين المجموعتين - مجموعة المهديّين ومجموعة المغضوب عليهم -، هناك أيضاً مجموعة ثالثة ينتهي بها الطريق إلى ما ينتهي إليه طريق "المغضوب عليهم" نفسه7. الجملة التالية تشير إلى هذه المجموعة من الناس.

﴿وَلاَ الضَّالِّينَ﴾
الذين سلكوا عن جهل وغفلة، اتّباعاً لأسيادهم المضلّين، طريقاً غير طريق الله والحقيقة، في حين كانوا يظنّون أنّهم سائرون في الطريق الصحيح، إلّا أنّهم كانوا يَخطون في طريق خطر، ويتّجِهون إلى نهاية مرّة.

يمكن أيضاً مشاهدة هذه المجموعة بوضوح في التاريخ: إنّ كلّ الذين كانوا يمتثلون أوامر أسيادهم في النظم الجاهليّة، ويطيعونهم إطاعة عمياء، وكانوا من أجلهم يخطّئون المنادين بالحقّ والعدل والحاملين لرسالة الله، وحتى إنّهم كانوا أحياناً يقفون بوجههم، ولم
يسمحوا لأنفسهم، ولو للحظة واحدة، بإعادة النظر بهذا الموقف اللّامعقول.

ونحن نُسمّي هذا الأمر "غير معقول" (غير العقلانيّ) لأنه يحقّق مصالح الطبقات المستكبرة، ويعود بالضرر على هؤلاء الضّالّين أنفسهم. وعلى العكس من ذلك، فإنّ دعوة الرسل تستأصل شأفة

 الفئة المغضوب عليها ووجوده، وهذا بالطبع في صالح الطبقات المحرومة والمستضعفة، ومن ضمنها هؤلاء المغفّلون.

إنّ المصلّي، باستذكاره هذين المنهجين (منهج المغضوب عليهم ومنهج الضالّين)، تظهر فيه حالة الحساسيّة والدقّة والمراقبة بالنسبة إلى الطريق الذي ينبغي أن يسلكه، والموقف الذي ينبغي أن يتّخذه فيما يتعلّق بدعوة الأنبياء المنجية. وعندها، إذا رأى في سلوكه علامة على الرشد واهتداء الطريق، يلهج ثانية شاكراً هذه النعمة الكبيرة قائلاً: الحمد لله ربّ العالمين8. وعلى هذا النحو، يكون قد تمّ جزء مُهِمّ من الصلاة. كانت هذه فاتحة القرآن التي نقرأها (فاتحة الكتاب).

إنّ فاتحة القرآن كمقدّمة أي كتاب تظهر صورة عامّة لمجموعة معارف الكتاب. فكما أنّ الصلاة تمثل خلاصة وصورة مصغّرة عن الإسلام، أشير فيها إلى الكثير من النقاط البارزة لأيديولوجيّة الإسلام، فإن سورة الفاتحة متضمّنة أيضاً للنقاط البارزة والخطوط العريضة للمعارف القرآنيّة، والمشتملة على خلاصة التوجيهات المهمّة فيه. ولهذا:

فإنّ العالَمين والعوالم وجودٌ واحدٌ متّصلٌ، أنشأه الإله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

كلّ شيء وكلّ شخصٍ هو تحت رحمة الله وعطفه، أمّا المؤمنون فلهم منه مورد رحمةٍ ولطف خاصَّيْن:﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.

للإنسان بعد هذا العالم حياة مستمرّة ودائمة، وإنّ الحاكمية المطلقة في تلك النشأة هي لله: ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.

على الإنسان أن يتحرّر من قيد عبوديّة غير الله، وأن يحيا تحت ظلّ رعاية الله وتدبيره، بالخصائص الإنسانيّة وفي طريق الإنسانيّة، حرّاً مختاراَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.

عليه أن يلتمس طريق السعادة والصراط المستقيم في حياته من الله: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾. 

عليه أن يشخّصَ جبهةَ الأعداء وجبهةَ الأصدقاء، وأن يتعرّف على مواقفهم ودوافعهم واستراتيجيّاتهم، ليحدّد موقفه من كلتا الجبهتين بما يمليه عليه إيمانه: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾.
* كتاب من أعماق الصلاة، جمعية المعراج لإقامة الصلاة.

1- ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ سورة الأعراف، الآية: 156 يا من سبقت رحمته غضبه (دعاء مأثور).
2- يُرجع إلى سورة الأعراف، الآيات: 59ـ 158، وسورة هود، الآيات: 50ـ 84، فقد نقل أنّ عدداً من الأنبياء العظام رفعوا هذا الشعار في مقدّمة دعوتهم.
3- سورة التوبة، الآية: 31.
4- سورة الزمر، الآية: 17.
5- تفسير نور الثقلين: ج5/ ، ص 481. و الري شهري، ميزان الحكمة، ج2.
6- سورة النساء، آية: 69.
7- تمّ بيان هذا الأمر في آيات عدة من القرآن الكريم بلحن مليء بالمعاني وبمناسبات شتى من بينها: سورة الشعراء، الآيات:(91ـ102)، سورة ص، الآيات: 58ـ 61، سورة إبراهيم،  الآيات: 12ـ 22، سورة غافر، الآيات: 47ـ48.
8- قيل باستحباب التلفظ بهذه الجملة عند الفراغ من سورة الفاتحة.

الصلاة جماعة في المسجد ((الصلاة))

الصلاة جماعة في المسجد((الصلاة))



لقد أجزل الإسلام الثواب لمن يُقيم صلاته في المسجد، ولذا كان الثواب على الصلاة الّتي تُقام في المساجد أعظم، وذلك عبر الترتيب التالي1 :
أ ـ المسجد الحرام في مكّة المكرّمة.
ب ـ مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنوّرة.
ج ـ مسجد الكوفة في العراق قرب مدينة النجف الأشرف، والمسجد الأقصى في مدينة القدس في فلسطين.
د ـ المسجد الجامع: والمراد منه المسجد الّذي لم يُبنَ لقوم بعينهم أو لأشخاص خاصّين.
هـ ـ مسجد القبيلة وهو المسجد الّذي بُني لقوم بعينهم.
و ـ مسجد السوق وهو الّذي يُبنى داخل الأسواق.

الصلاة في المساجد بشكل منفرد لها فضل كبير، أمّا لو كانت في جماعة فالفضل أكبر، وهذا ما سنُبيّنه من خلال استعراضنا لبعض الروايات الشريفة.

فضل صلاة الجماعة على الفرادى
ليس الفاصل في الفضل بين الصلاة جماعة والصلاة فرادى مرتبة أو مرتبتان فقط، بل إنّ الروايات الشريفة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام أشارت إلى مراتب أعلى من ذلك بكثير، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة, تكون خمسة وعشرين صلاة"2.

المشي إلى الجماعة 
إنّ المشي إلى الجماعة كما المشي إلى المسجد لهما فضل عظيم وثواب جزيل، ففي الرواية عن الإمام الصادق عن آبائه - في حديث المناهي - قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويُبشّرونه ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتّى يُبعث"3.

وفي رواية أخرى أنّه جاء نفرٌ من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسأله أعلمهم عن مسائل فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم: إلى أن قال: "أمّا الجماعة فإنّ صفوف أمّتي كصفوف الملائكة، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة، كلّ ركعةٍ أحبُّ إلى الله عزّ وجلّ من عبادة أربعين سنة، فأمّا يوم الجمعة فيجمع الله فيه الأوّلين والآخرين للحساب، فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلّا خفَّف الله عليه أهوال يوم القيامة، ثمّ يُأمر به إلى الجنّة"4.

صلاة الجماعة علامة خير
ففي الرواية عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به خيراً"5.
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام: "من صلّى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمّة الله عزّ وجلّ، ومن ظلمه فإنّما يظلم الله، ومن حقّره فإنّما يحقّر الله عزّ وجلّ"6.

صلِّ الجماعة تُقضَ حاجتك
فقد جاء في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله يستحيي من عبده إذا صلّى في جماعة ثمّ سأله حاجته أن ينصرف حتّى يقضيها"7.

لا تترك الجماعة من غير عذر
في الخبر أنّ ضريراً جاء إلى النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "يا رسول الله أنا ضرير البصر وربما أسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: شدَّ من منزلك إلى المسجد حبلاً واحضرِ الجماعة"8.

وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من سمع النداء فلم يُجبه من غير علّة فلا صلاة له"9.

جزاء من يترك صلاة الجماعة
تعامل أهل البيت عليهم السلام بشكل حازم وقاطع مع المتخلّفين عن صلاة الجماعة لدرجة عزلهم عن المجتمع وجعلهم كفئة منبوذة وغير مرغوب فيها في المجتمع الإسلاميّ، ليس هذا فحسب بل وصل الأمر إلى التهديد بإحراق دورهم وتخريبها، وما هذا إلّا لعظمة المسجد وأهمّيّته البالغة في المنظومة الإسلاميّة، وقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام "أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بلغه أنّ قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: إنّ قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يُشاربونا ولا يشاورونا ولا يُناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإنّي لأوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرق عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتّى حضروا الجماعة مع المسلمين"10.

أيّ الصفوف أفضل؟
إنّ بين الصفوف تفاضلاً، وأفضلها كما في الروايات الصفّ الأوّل، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "أفضل الصفوف أوّلها، وأفضل أوّلها ما دنا من الإمام"11.

وأمّا فضل الصف الأوّل فهو كفضل الجهاد في سبيل الله، فقد جاء في الرواية عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام: "إنّ الصلاة في الصفّ الأوّل كالجهاد في سبيل الله عزّ وجلّ"12.

النظام صورة حضاريّة
تخيّل أنّك تُشاهد في التلفاز صورة لمصلّين في جماعة غير منتظمة الصفوف، وصورة أخرى لمصلّين في صفوف منتظمة يتوحّد قيامهم وركوعهم وسجودهم، فأيّ الصورتين أفضل؟

لا شكّ أنّ الثانية أجمل من الأولى، وتنقل صورة حضاريّة عن أمّة منظّمة راقية، ولهذا جاء في الروايات تأكيد على أهمّية رصّ الصفوف وانسجامها في صلاة الجماعة, ففي الرواية عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سوّوا بين صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان"13.

من أحكام صلاة الجماعة
سنذكر بعض الأحكام اللازم معرفتها في صلاة الجماعة: 
تنعقد صلاة الجماعة برجلين أحدهما المأموم والآخر الإمام، أو برجل وامرأة إذا كانت هي المأمومة14.
ليس على الإمام أن ينوي أنّه الإمام للجماعة، ولكن أجر الجماعة لا يحصل عليه إلّا بنيّته للإمامة في الصلاة، أمّا من يُصلّي خلفه فعليه أن ينوي نيّة الاقتداء به15.

تسقط الفاتحة والسورة عن المأموم فلا يجب عليه قراءتهما، بل يجب عليه الإنصات لقراءة الإمام في الصلوات الّتي يجهر بها الإمام، أي الصبح والمغرب والعشاء، ويُستحبّ في صلاة الظهر والعصر وهي الصلاة الّتي يخفت فيها الإمام أن يُردّد المأموم الذكر إخفاتاً.16

خاتمة 
لعلّ أفضل خاتمة لهذا الفصل هي الرواية عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام قال: "إنّما جعلت الجماعة لئلّا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام والعبادة لله إلّا ظاهراً مكشوفاً مشهوراً، لأنّ في إظهاره حجَّةً على أهل الشرق والغرب لله وحده، وليكون المنافق والمستخفّ مؤدّياً لما أقرَّ به يظهر الإسلام والمراقبة، وليكون شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع ما فيه من المساعدة على البرِّ والتقوى، والزجر عن كثيرٍ من معاصي الله عزّ وجلّ"17.
*فقه المسجد , سلسلة الفقه الموضوعي , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

1- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص 151، بحث مكان المصلّي.
2- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج8، ص285.
3- م.ن. ج 8، ص 287.
4- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 8، ص 287 و288.
5- م.ن. ج8، ص 286.
6- م.ن. ج 8، ص 295.
7- م.ن. ج 8، ص 289.
8-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ, ج8، ص 293.
9-م. ن، ج8، ص 291.
10-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج5، ص196.
11-م.ن. ج 8، ص 306.
12-م.ن. ج 8، ص 307.
13-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ, ج8، ص 423.
14- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص265.
15- م.ن. ج 1 ص 265.
16- م.ن. ج 1 ص271.
17- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ, ج 8، ص 287.

  

كيف أصلّي؟ ((الصلاة))

كيف أصلّي؟((الصلاة))



معنى الصّلاة وأهميـّتها
من أهمّ الأحاديث التي تعبّر عن موقع الصّلاة في الدّين وأهميّتها قول الباقر:"الصّلاة عمود الدين"1. فالصّلاة هي العبادة الأولى من حيث الأهمّيّة، وهي وصيّة الأنبياء وقرّة أعينهم، وهي مفتاح الجنّة وقربان كلّ تقيّ. بها يتطهّر الإنسان من الذّنوب، وبها يتنزّه عن الكبر والعيوب، وذلك فيما إذا أُعطيت حقّها وأدّاها الإنسان بحضور قلب وخشوع.

قال النبيّ: "ليكن أكثر همّك الصّلاة، فإنّها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدّين"2.
وبتعبير آخر هي الحدّ الفاصل في حياة الإنسان، فهي أوّل ما يُسأل عنه يوم القيامة، وهي الّتي إن قُبلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت رُدّ ما سواها، وترك الصّلاة من دون عذر في الإسلام مساو للكفر، لأنّ ترك الصّلاة معناه قطع الصّلة والعلاقة مع الله عزّ وجلّ. ولذلك ورد عن النبيّ: "من ترك الصّلاة متعمّداً فقد كفر"3. والصّلاة أيضاً فرصة للإنسان للوصول والارتقاء، فهي معراج المؤمنين ولذّة العارفين. ولقد كانت الصّلاة راحة لرسول الله وأحبّ أمر له في هذه الدّنيا.

قال النبيّ: "لو صلّيتم حتّى تكونوا كالأوتار، وصمتم حتّى تكونوا كالحنايا، لم يقبل الله منكم إلّا بورع"4.

مقدّمات الصـّلاة

للصّلاة مقدّمات عديدة، نأتي على ذكر أهمّ مقدّماتها وهو الوضوء. فالوضوء يُعتبر مقدّمة واجبة للصّلاة، بحيث تُعتبر الصّلاة من دون وضوء باطلة. ولذلك يجب الالتفات إلى أنّ عدم الإتيان بالوضوء بشكل صحيح، ومطابق لما أمر الله عزّ وجلّ به مبطل للصّلاة أيضاً. وعليه يتوجّب على الإنسان المؤمن الحرص على تعلّم الوضوء بشكل صحيح من أوّل تكليفه حتّى لا يقع في إشكال إعادة كلّ ما عليه من صلاة لاحقاً. والوضوء كما الصّلاة يطهّر الإنسان من الذّنوب، وهو نور للقلب وصفاء للباطن. ولذلك من المهمّ الحرص على البقاء على طهور دائماً.

كيفيـّة الوضوء

بداية يجب أن تكون جميع أعضاء الوضوء طاهرة وخالية من أيّ حاجب يمنع من وصول الماء إليها. وأعضاء الوضوء هي:
الوجه – اليدان إلى المرفقين – مقدّم الرأس – وظاهر القدمين إلى المفصل.
وعلى المكلّف أن ينوي الوضوء قربة إلى الله تعالى قبل الشروع بعمليّة الوضوء.

الخطوة الأولى في عمليـّــة الوضوء: هي غسل الوجه. وحدود غسل الوجه هي من منبت الشّعر إلى طرف الذّقن طولاً، وما طالته الإبهام والسبّابة عرضاً، على أن يقوم بعمليّة الغسل من فوق إلى تحت دون العكس، لأنّ النّكس مبطل للوضوء. ويجب غسل الوجه مرّة واحدة، والمرّة الثانية مستحبّة.

الخطوة الثّانية: غسل اليد اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثمّ بعد ذلك اليد اليسرى بنفس الطّريقة، ويجب الشّروع بالغسل من فوق المرفق لإحراز دخول كامل المرفق ضمن عمليّة الغسل. وكما في الوجه لا يصحّ النّكس عند غسل اليدين، وبالتالي الإتّجاه الصّحيح في غسل اليدين هو من المرفق إلى أطراف الاصابع.
ويجب غسل اليمنى مرّة ويستحبّ مرّة ثانية، أما اليد اليسرى فيجب غسلها مرّة واحدة، ولا مورد لغسلها مرّة ثانية.

الخطوة الثّالثة: مسح مقدّم الرّأس، ويستحبّ أن يكون بمقدار ثلاثة أصابع مضمومات، مع اشتراط كون مقدّم الرأس جافّاً حين المسح.

الخطوة الرّابعة: مسح ظاهر القدم اليمنى بباطن اليد اليمنى، وظاهر القدم اليسرى بباطن اليد اليسرى، والمسح يكون من أطراف الأصابع إلى مفصل القدم، مع اشتراط كون ظاهر القدم جافّاً حين المسح.

كيفيـّة الصـّلاة

الصـّلوات اليوميـّة الّتي فرضها الله عزّ وجلّ علينا هي خمس صلوات
1ـ صلاة الصّـبح: ووقتها من طلوع الفجر الصّادق إلى ما قبل شروق الشّمس، وهي ركعتان.
2ـ صلاتا الظّهر والعصر: ووقتهما من الزّوال إلى ما قبل المغرب الشّرعيّ للشّمس، وكلّ واحدة منهما أربع ركعات.
3ـ صلاتا المغرب والعشاء: ووقتهما من المغرب الشّرعيّ للشّمس إلى ما قبل منتصف اللّيل، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات.

ويجب على المصلّي أن يكون متوضّئاً ومستقبلاً القبلة، ولابساً ملابس طاهرة وساترة للعورتين بالنّسبة إلى الرّجل، أما بالنّسبة إلى المرأة فيجب أن تكون أجزاء بدنها كلّها مستورة ما عدا الوجه والكفّين.

وكما ذكرنا في الوضوء، فإنّ الصّلاة تحتاج إلى نيّة لأنّها من الأعمال العباديّة التي يُتقرّب بها إلى الله عزّ وجلّ. والنيّة هي أوّل جزء يجب على المصلّي الاتيان به قبل تكبيرة الإحرام. ثمّ يشرع المصلّي بتكبيرة الإحرام وهي الجزء الثّاني، ثمّ يتدرّج بإتيان باقي أجزاء الصّلاة من دون زيادة أو نقصان. وباقي أجزاء الصّلاة هي: القيام – القراءة – الرّكوع – السّجود – الذّكر – التّشهّد – التّسليم – التّرتيب – الموالاة.

وأجزاء الصّلاة منها ما يُعدّ ركناً بحيث تبطل الصّلاة بزيادتها أو نقصانها عمداً أو سهواً، ومنها ما لا يُعدّ ركناً، بحيث تبطل الصّلاة بزيادتها أو نقصانها عمداً لا سهواً.

وأركان الصّلاة هي: النيّة – تكبيرة الإحرام – القيام حال تكبيرة الإحرام وحال الهويّ للركوع – الرّكوع – السّجدتان معاً.

*'طريق المعارف, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

1-وسائل الشيعة:ج3,ص17
2-ميزان الحكمة، ج2، ص1626
3-م,ن,ج15,ص320
4-بحار الأنوار، ج81، ص258

 

فقه المسجد ((الصلاة))

فقه المسجد((الصلاة))



المسجد وقف بالمعنى الفقهيّ للكلمة، وللوقف أحكام وللمسجديّ منه أحكامٌ خاصّة، فما هي هذه الأحكام؟
وفي المساجد تُقام الجماعات أيضاً، فما هي أحكام الجماعات؟
وفي الجماعات إمام، فما هو واجبنا تجاه الإمام؟
كلّ ذلك وغيرها من الأسئلة سنُجيب عنها في هذا الفصل، سائلين الله تعالى أن يجعلنا ممّن يؤدّون حقّ المساجد، ويُراعون أحكامها، إنّه خير موفِّق ومعين.

المسجد وملحقاته
كيف يتحقّق الوقف المسجديّ؟

الوقف هو جعل مُلكٍ ـ كالأرض ـ منحصرة المنفعة على أمر معيّن، كما لو قال أحد وقفت أرضي لبناء حسينيّة أو مسجد، وفي خصوص مسألتنا أي الوقف المسجديّ هو أن يَحبِس1 الإنسان أرضاً ما أو يقف أرضاً ويبني فيها مسجداً بنيّة أنّه يوقفها في سبيل الله تعالى، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "وهو تحبيس العين وتسبيل المنفعة، وفيه فضل كثير وثواب جزيل، ففي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:" ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنّة هدى سنّها فهي يُعمل بها بعد موته، وولدٌ صالح يدعو له "وبمضمونه روايات"2.

ولو أراد الإنسان أن يوقف أرضاً ومسجداً فعليه أن يُوضّح في قصده ذلك، كأن يقول: وقفت الأرض (ويُحدّدها) والبناء (المعيّن) وقفتها مسجداً، ولا يصحّ أن يوقفها بدون عنوان المسجد، كما لو قال: وقفت المكان الفلانيّ لكي يُصلّي فيه الناس، ففي هذه الحالة يصحّ الوقف ولكن لا يثبت على المكان الّذي وقفه أحكام المسجد3.

فقه المسجد
عامّاً لا بدّ من القبض والتسليم، وفي حالتنا، أي وقف المسجد، يتحقّق القبض بالصلاة في المسجد ولو لمرّة واحدة، ويُشترط إذن الواقف للصلاة في المرّة الأولى، وبعنوان التسليم  القبض4 .

ما هي أحكام المسجد؟
سنُقسّم الحديث في أحكام المسجد إلى أقسام لكي يسهل الوصول إلى كلّ ما يتعلّق بأحكامه.


1- طهارة المسجد 
يجب أن نُحافظ على المساجد طاهرة من كلّ النجاسات، لأنّها أماكن خُصّصت للعبادة ولا تليق النجاسة بالأماكن المقدّسة والمحترمة، ولهذا فإنّه لا يجوز تنجيس المساجد، وليس المقصود فقط أرض المساجد بل حتّى حيطانها أو سقفها.

وفي حالة التنجّس الّتي تحصل تجب المبادرة إلى تطهيرها فوراً وبدون أيّ تأخير. إلّا إذا لم يتمكّن الشخص الّذي سيتولّى هذه المهمّة بمفرده من المبادرة إلى تطهيره.أمّا لو رأى نجاسة في المسجد وقد حضر وقت الصلاة تجب المبادرة إلى إزالتها مقدّماً على الصلاة مع سعة وقتها5.

ولو اضطرّ الأمر إلى صرف مالٍ في تطهير المسجد وجب ذلك، ولو احتاج تطهيره في حالات خاصّة لتخريب أرضه مثلاً ولم يتمكّن من التطهير بغير هذه الطريقة وجب التطهير وجاز تخريب الأرض بهذا المقدار، ولكن يتحمّل من نجّس المسجد حينئذٍ كلفة الإصلاح الماليّة6.
وتلحق المسجد في هذه الأحكام كلّها.. فرشُ المسجد والسجّاد والحُصر الّتي فيه على الأحوط وجوباً.7

2- طهارة زوّار المسجد
وينبغي للداخل إلى المسجد أن يكون على طهارة من الحدث الأكبر على التفصيل التالي: 

فإنّه يحرم دخول المسجد الحرام في مكّة المكرّمة ومسجد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنوّرة من الجُنُبِ والحائض ولو كان ذلك بنحو المرور.
أمّا المساجد الأخرى فحكمها أيضاً كحكم المسجد الحرام ومسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، في حرمة دخول الجُنُب والحائض إليها، ولكن لو كان في المسجد بابان، فإنّه يجوز المرور من خلالها في داخل المسجد أي من الباب إلى الباب.

وينبغي الانتباه إلى أنّه لا يجوز وضع أيّ شيء في المسجد حال عبور المجنب والحائض فيه، أو حتّى من الخارج، كأن يرمي المجنب أغراضه من الشبّاك الخارجيّ للمسجد إلى داخل المسجد8.

3- مراعاة حرمة المسجد
وذلك بتجنّب القيام فيه بالأمور المحرّمة كالغيبة أو الغناء وأيّ تصرّف آخر يُعتبر منافياً لحرمة المسجد
9 ، وفي هذا السياق ينبغي التأكيد على الأمور التالية: 
التفات أصحاب الهواتف الّتي يستخدمون فيها نغمات غنائيّة إلى أنّ للمسجد حُرمة ولأهل المسجد أيضاً حُرمة.
الأفضل جعل الهواتف في المساجد مغلقة أو صامتة؛ حتّى لا يشوّش على عبادته أو عبادة غيره.
ترك اللعب في المساجد والمزاح الّذي يتنافى مع روحيّة العبادة فيه.
التفرُّغ في المسجد للعبادة وطلب العلم، وعدم الانشغال بالأحاديث الدنيويّة الجانبيّة خاصّة أثناء إقامة صلاة الجماعة.

4- تزيين المسجد بالذهب 
إنّ الصلاة والتلاوة وأيّ عبادة يُمكن أن يقوم بها الإنسان في أيّ بقعة كانت، ولو في صحراء قاحلة، تماماً كما يقوم بها في أيّ مسجد، إلّا أنَّ فضل القيام بها في المسجد على ما مرَّ وسيمرّ لاحقاً أفضل وأكثر ثواباً، ولا بدّ في العبادة من إفراغ القلب من شوائب التعلّق والتفكير بأمور الدنيا وشؤونها، لذلك يحرم تزيين المساجد بالذهب إذا عُدَّ إسرافاً وفي غير ذلك هو مكروه 10، ويحسن في المساجد الابتعاد عن كلّ ما يشعر المرء بالحالة الدنيويّة والانشداد إليها، وترك التركيز، والتشتّت والبعد عن ذكر الله تعالى، لأنَّ المسجد دار الذاكرين المتفكّرين لا الغارقين في تأمّل زخارف الدنيا وزينتها. وللأسف كم صار هذا الأمر شائعاً في أيّامنا، وقد ورد التّحذير منه عن لسان أهل البيت عليهم السلام، فقد ورد عن حمران بن أعين أحد حواريّي الإمام الصادق عليه السلام أنّه نقل عنه عليه السلام: "ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غداً في زمرتنا، فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خَلِقَ وأُحدِث فيه ما ليس فيه (إلى أن قال) ورأيت المساجد قد زُخرِفت... ورأيت المساجد محتشية ممّن لا يخاف الله، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ.. فكُن على حذر..!!"11.

5- الحفاظ على أغراض المسجد
ينبغي الحفاظ على أغراض المسجد وكلّ ما يتعلّق به من فرش وسجّاد وحُصر وأيّ مقتنيات أخرى موقوفة فيه، ولهذه الأغراض أحكام منها: 

لو كان السجّاد الّذي في المسجد يُمكن الانتفاع فيه في أوقات معيّنة من السنة كالشتاء مثلاً فينبغي المحافظة عليه ولا يجوز بيعه.
لو لم يحتج إليها في الافتراش مثلاً وأمكن أن يُستفاد منها في شيءٍ آخر كما لو أمكنت خياطتها كمظلّات أو برادي فيحرم أيضاً بيعها.
لو انعدمت الاستفادة منها في كلّ الأحوال والأوقات، وكان إبقاؤها في المسجد سيؤدّي إلى تلفها، واحتاج لها مسجد آخر تُعطى للمسجد الآخر ولا تُباع.

أمّا لو لم يحتج لها مسجد آخر، وانعدمت الفائدة منها في المساجد وضعت في المصالح العامّة.
وإذا استغنت عنها المصالح العامّة، ولم يُمكن الاستفادة منها بأيّ حال بيعت وصُرف ثمنها في المسجد الّذي أُخذت منه إذا احتاج إلى ما يُصرف فيه، وإلّا في مسجد آخر، وإن لم يحتج أيّ مسجد لهذا المال صُرف في المصالح العامّة12.

6- أين مكانك في المسجد؟
المساجد من الأماكن العامّة الّتي يقصدها جميع الناس، فمن سبق إلى مكان في المسجد لأجل الصلاة أو سائر الأعمال الّتي جرت العادة على القيام بها في المسجد كقراءة القرآن أو الوعظ والإرشاد لم يجز للآخرين مزاحمته أو إزعاجه13.

فالحقّ في المكان داخل المسجد يُحفظ بوضع ما كان متعارفاً لحجز المكان كفرش سجّادة الصلاة أو وضع شيء من ثيابه وأغراضه، ولا يكفي وضع التربة أو السواك أو المسبحة.ولو فرضنا أنّ شخصاً وضع ما يدّل على حجزه للمكان وذهب لقضاء أمرٍ ما وأصبح الفاصل طويلاً، لم يعد الاجتناب عن ذلك المكان لازماً بل جاز لغيره استخدام المكان.

ولو أنَّ آخرَ اشتغل بالصلاة في المكان المحجوز مسبقاً من قِبَل آخر فالاحتياط الوجوبي يقضي بإعادة الصلاة في مكان آخر14.
ولو فرضنا أنّ أحداً حجز المكان لتلاوة القرآن أو الدعاء ثمّ حضرت جماعة للصلاة جماعة في المسجد فالأولى له تخلية المكان لمن يطلب منه إفساح المجال للالتحاق بالجماعة إذا وجد مكان آخر له، ولا يكون منّاعاً للخير عن أخيه15.

صلاة النساء في المسجد
إنّ الأجر الجزيل الّذي وعد به الله تعالى من يقصد المسجد ويُصلّي فيه، ليس مختصّاً بالرجال فقط، "بل إنّ فضيلة الصلاة في المسجد ليست مختصّة بالرجال"16 ، فما يحصل من أجر للرجل يحصل للمرأة أيضاً في مشاركتها في الصلاة، وكذلك الأمر في صلاة الجماعة "إذ لا إشكال في مشاركتهنّ إذا أردن ذلك، ويترتّب عليها ثواب الجماعة"17.

الأذان في المسجد
إنّ الأذان بالصلاة في مجتمعات المسلمين سمة بارزة، وله وقع خاصّ في قلوب المؤمنين، كما أنّ "الأذان الإعلاميّ للصلاة في أوّل أوقات الفرائض اليوميّة، وترديده من قِبَل السامعين، ورفع الصوت به عند قراءته من المستحبّات الشرعيَّة الأكيدة"18.

وفي الرواية عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المناهي، قال: "ومن أذّن محتسباً يُريد بذلك وجه الله عزّ وجلّ أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صدِّيق"19.

بل خصّ الإمام زين العابدين عليه السلام المؤذّن بحقّ في رسالة الحقوق، قال عليه السلام: "وأمّا حقّ المؤذّن أن تعلم أنّه مذكّر لك ربّك عزّ وجلّ، وداعٍ لك إلى حظّك، وعونك على قضاء فرض الله عزّ وجلّ عليك، فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك"20.

رفع الأذان في بعض المساجد بالنّحو المتعارف للإعلان عن دخول وقت فريضة الصّبح بواسطة مكبّر الصَّوت لا بأس به، ولكنّ إذاعة الآيات القرآنيّة والدعاء وغيرهما في أيّ وقت بواسطة مكبّر الصّوت في المسجد إذا كان يُسبّب أذيّة للجيران لا مبرّر له شرعاً، بل فيه إشكال21.

خاتمة
بعد هذا العرض المختصر لبعض الجوانب الفقهيّة المتعلّقة بالمسجد يجب علينا أن نهتمّ أكثر بمراعاة الأحكام الشرعيّة، ونعمل على تطبيقها لصون بيوت الله وحفظها واظهارها بشكل يليق بها كمركز للعبادة ولذكر الله عزّ وجلّ، والتوجّه إليه سبحانه كما أراد هو أن نكون.
*فقه المسجد ، سلسلة الفقه الموضوعي ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

1- يقول جعلتها وقفاً، أو حبستها، أو سبّلتها، أو صدقتها صدقة مؤبّدة لا تباع ولا توهب، انظر: الإمام الخمينيّ قدس سره، تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، دار الكتب العلمية، ط. إسماعيليّان، قم، ج 2 ص 62.
2- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 2 ص 62.
3- انظر: م.ن. ج 2، ص 62 و63.
4- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 2، ص 64 و65.
5- م.ن.ج 1، ص 98.
6-تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج1، ص120.
7- م.ن. ج 1، ص 120.
8- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص 38.
9- أجوبة الاستفتاءات، السيّد علي الخامنئيّ دام ظله، دار النبأ للنشر، الطبعة الأولى، ج 1، ص 121.
10- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص 133.
11- الكافي، الكليني، ج8، ص40.
12- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 2، ص 79.
13- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 2، ص 215.
14- م.ن. ج 2، ص 215.
15- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 2، ص 214.
16- أجوبة الاستفتاءات،السيّد الخامنئيّ}، ج 1، ص 119، باب أحكام المسجد.
17- م.ن. ج 1، ص 176، باب مشاركة النساء في صلاة الجماعة.
18-م.ن. ج 1، ص 137، باب الأذان والإقامة.
19- مستدرك سفينة البحار، النمازيّ الشاهروديّ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، ج 1، ص91.
20-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 15، ص 176.
21-نظر في تفصيل هذا الأمر: أجوبة الاستفتاءات، السيّد علي الخامنئيّ }، ج 1، ص 138.

  

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

هذا ليس شعراً .. وإنما كلمات


  
  
بين الأمل و الألم... أعيش

بين ذكريات الماضي و مرارة الواقع ... أكون

بين بسمة الغد و همسات الأمس ... أمضي

هذا ليس شعراً وإنما كلمات

بين دموع أيامي و صفوة أحلامي ... أتواجد

بين التحرر من قيود الهوى ...

و الدوام على معانقة النجاح تتنفس 
روحي

أخط بحروفي الأمل لتمحوها مرارة الزمن القاسي

أرسم وردة حمراء فتنغرز أشواكها بقلبي

لتترك جرحا عميقا تنسكب منه الدماء

أستوحي على لوحتي قلوب الصفاء .. 

فيخترقها سهم حاد يقتل روحها

ويسكن نبضاتها المنادية بالحياة

أحاول بناء صرح تعلوا معه أهدافي و أحلامي...

إنجاز فوق إنجاز ..درجة بعد درجة

و فجأة ...

تهب رياح الضياع لتحطم المنجزات و تكسر الذات

أزرع بذرة لتنمو معها شجرة عميقة الجذور

 بقمة فوق السحاب 
لأهنا بظلها و أنعم بجوارها

لكن الأرض تأبى استقبالها و بعث الحياة بروحها

فكان القرار

أن أعيش تحت الأرض هربا من ظلم من فوقها

لكن الحياة كانت بلا معنى
 
 فما كان بالحضيض سيبقى دوما منحطا

آه حياتي ... آه قلبي ... ما أصعب مجريات الزمن...

  
  

قل  لمن  يحمل  هماً  ...  بأن  همه   لن   يدوم 
فكما   تفني   السعادة ... هكذا   تفني   الهموم 

الاثنين، 23 نوفمبر 2015

فتح الباب"أدخل ثم...... أخرج.

فتح الباب"أدخل ثم...... أخرج.


كم هي الأبواب في حياتي و في حياتك ..!!
كم هي الممرات في أيامي وأيامك ... !! 
ما أكثرها ..!!

بعضها مغلق ..!! وبعضها مفتوح ..!! 
أفتح ما شئت منها .. !! وأغلق ما شئت ..!!
الأمر عائد إليك أنت وحدك ..!!
الفرح يمر من بين ثناياها ..!! أو من خلفها ..!! 
ألف آآآه ..!! أو ألف حزن .. !! 

أخترت لك أخي بعضاً من أبواب حياتي وحياتك ...
فأدخل ما شئت منها بسلام ... !! أو أخرج منها بسلام .. !!!
كم أتمنى أن تروق لكم الأقامة في انحاء غُرفي ..!!



باب السلام 

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .

ما أكثر ما نردد هذه المقولة .. أنا وأنت .. صبحاً و مساءاً ..
لكن هل تفكرنا بمعناها الحقيقي قبل أن تخرج من أفواهنا ..؟؟!!
لو أن رددت "عليكم السلام" كتب لك عشر حسنات .. ؟؟!!
وأن قلت "وعليكم السلام ورحمة الله" كتب لك بها عشرين ..؟؟!
وأن أتممتها حصلت على ثلاثين حسنة ..؟؟! 

ببساطة .. 
أليس حين نحب نتمنى الخير لمن نحب ..
وأي خير هو أفضل من أن تتمنى لمن حولك ..
الأمن ...والأمان .. السلم .. والهدوء ..
لكن ما السبيل لتحقيق معانيها في حياتنا ..؟؟!
البداية أخي .. أختي .. بيديكما .. تصالح مع نفسك .. حقق السلام الروحي لذاتك ..

حينها ستنقله دون وعي لمن هم حولك .. 
توقف أخي لحظات وأبحث عنه بداخل جنبات نفسك ..؟؟!!



باب الدعاء

ما أحوجنا ونحن نقاسي ونعاني ..
أن نطرق باب علام الغيوب .. غفار الذنوب .. فراج الكروب .. 
لم لا نطرق هذا الباب إلا في لحظات الأنكسار فقط ..؟؟!
ونتجاهله في لحظات السعادة والهناء ..؟؟!!

أدعوك للأكثار من قول
.." لا إله إلا أنت ... سبحانك إني كنت من الظالمين "


باب الحزن 


عندما يخيم الحزن بكل صوره على سماءنا ..؟؟!!
عندما توصد الأبواب في وجوهنا ...؟؟!!.
عندما يغيب الموت من نحب ..؟؟!!
لحظتها لم تتوقف عقولنا عن التفكير الايجابي ..؟؟!!
لم يتوقف نبض قلبي وقلبك عن الشعور ..؟؟!!

هنا يدور سؤال بداخلي ...
لم لحظات الحزن ترسخ في ذاكرتنا .. نتذكرها دوما ..؟؟!! 
ولحظات الفرح والسعادة... لا تدوم إلا لثواني معدودة ..؟؟!



باب الأماني

كم من الأماني رسمنا في مهد الطفولة ..؟؟!
كم من الأحلام هوينا ونحن صغار..؟؟!
كم من حلم رحل .. وآخر حلق ..؟؟!!

عندما كنت صغيرة .. تمنيت أن أكبر لأحقق ما تصبو إليه نفسي .. 
وها أنا كبرت وكبرت .. ولم يتحقق إلا جزء ضئيل مما تمنيت ..؟؟

أتمنى أن أرجع طفل صغيرة .. لأحلم أحلاماً بسيطة .. 
لأبقى بريء لا أعرف من الدنيا إلا الفرح ....

تبقى أمنية ..؟؟!!



باب الأمل 

عندما تعاني .. من ألأنتكاسات .. من الأحزان .. من أي شيء .. تذكر 
اللون الأخضر ..
هو بارقة أمل تغير مجرى حياتك .. تلون سماءك .. 
هو وهج لا ينمو إلا في النفوس المؤمنة .. الراضية بالقضاء والقدر .. 

أمتدت يداي لفتح باب الخروج ... 
لا أعرف كم شخص غادر وخرج قبلي ..؟؟! 
أو ما هي الأبواب التي سيفتح .. ؟؟!!
وأيها سيغلق ..؟؟

أفتح ما شئت .. وأغلق ما شئت 

وفي الوقت والزمان المناسبان